التفاصيل الرئيسية / المقالات / التفاصيل

2010-05-02
أتحتاج المرأة الأردنية الخبز والورد لنيل حقوقها كاملة؟

قبل ما يزيد عن المائة عام وتحديداً في الثامن من مارس عام 1908 م خرجت نساء نيويورك يحملن في يد خبزا وفي أخرى وردا وذلك في مظاهرة أطلقن عليها مظاهرة "الخبز والورد" وطالبن فيها بعدة مطالب منها حق الاقتراع وعدم استغلالهن على حساب وقتهن وجهدهن.

 

ومنذ تلك المظاهرة ما زالت المرأة في العالم بل وخاصة الدول العربية تطالب بحقوقها وتسعى وراء مطالبها، مما جعل الأمم المتحدة تقرر في عام 1977 أن يكون الثامن من مارس يوماً عالميا للمرأة يحتفل فيه الانجازات في مجال "حقوق المرأة" في شتى البلدان، لكن وعبر ما يزيد عن ثلاثين عاماً من تخصيص يوم للمرأة سنوياً، هل أعطى ذلك اليوم المرأة حقوقها الاجتماعية والسياسية كاملة، أم هو مجرد تقليد يحتفل به لمدة أربع وعشرين ساعة في السنة دون تقدم أو تغيير؟؟  

 

بالرغم من التقدم الذي أحرز في مجال حقوق المرأة في الأردن من خلال التوقيع على العديد من القوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية الهادفة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة مثل اتفاقية سيداو، إلا إن المرأة لم تنل كامل حقوقها فالمرأة الأردنية ما تزال تواجه معوقات تحول دون حصولها على حقوقها كاملة، ومن تلك المعوقات؛ عدم معرفتها بالقوانين والتشريعات التي تمنحها حق العمل والاستقلال الاقتصادي وحقها في اختيار الزوج وتوفير البيئة الآمنة في المنزل أو العمل. كما أن هناك بعض أشكال العنف ضد المرأة مثل سيطرة الزوج أو الأخ على راتبها تحت الضغط للحصول على قروض أو شراء عقارات أو سيارات دون تسجيل سند لحفظ حقها بذلك. من جهة أخرى، تعاني المرأة الأردنية المتزوجة من غير الأردني من تمييز واضح وذلك بحرمان النساء من منح جنسيتهن لأولادهن وأزواجهن

أما فيما يتعلق بنيل المرأة الأردنية لحقوقها السياسية أسوة بالرجل فلم يتحقق ذلك بسهولة، حيث ناضلت المرأة الأردنية منذ الخمسينات من القرن المنصرم لنيل حق الانتخاب والترشيح عبر تأسيس رابطة اليقظة النسائية عام 1952، والتي سرعان ما تم حلها بسبب نشاطها المتميز، إلا أن المرأة الأردنية لم تكل أو تمل في أن يكون لها وجود، حيث تم تأسيس اتحاد المرأة العربية عام 1954 والذي لعب دوراًً هاماً في توعية المرأة سياسياً عبر رفع العديد من المذكرات إلى مجالس الوزراء والأعيان والنواب والتي تطالب بمنح المرأة حقوقها السياسية.

أما في عام 1974 فقد جرى تحرك نسائي كبير تشكلت بعده اللجنة النسائية الأردنية التي نظمت حملة رفع مذكرات إلى الجهات المعنية تطالب بمنح المرأة حقوقها السياسية، وقد تحقق ذلك إذ منحت المرأة في ذات العام بموجب قانون معدل لقانون انتخاب مجلس النواب رقم (8) حق الترشيح والانتخاب للمجالس النيابية للمرة الأولى، أما حق الانتخاب والترشيح للمجالس البلدية فمنح للمرأة عام 1982.

إلا أن عام 1989 كان نقطة تحول في إقدام المرأة على خوض الانتخابات النيابية، فترشحت 12 امرأة من أصل 648 مرشحاً. ورغم أن النسبة كانت متدنية إذ بلغت 1.85% غير أنها كانت خطوة هامة من أجل اختراق احتكار الرجال للمجالس النيابية. وعلى الرغم من عدم نجاح أية مرشحة غير أن بعض المرشحات قد حققن مواقع متقدمة في هذه الانتخابات، ومجموع ما حصلن عليه من أصوات كان (20530) صوتاً بنسبة 1.01% من مجموع الأصوات. أما انتخابات عام 1993 فقد شهدت انحساراً في عدد المرشحات، إذ لم تترشح سوى ثلاث نساء فقط، وحصلن على ما نسبته 4.3% من مجموع الأصوات التي اقترعت للمقاعد التي ترشحن لها.

وفي انتخابات عام 1997شهد الأردن حملة واسعة بين صفوف النساء نظمتها الهيئات النسائية بهدف إيصال عدد من النساء إلى السلطة التشريعية، فترشحت 17 امرأة أي بنسبة 3.24% من إجمالي المرشحين، لكن لم تنجح أي منهن.

لقد برهنت كل التجارب السابقة على صعوبة وصول المرأة إلى مجلس النواب بل وفشله أحيانا وذلك لعدم قناعة المجتمع بدور المرأة وأهمية وصولها إلى مواقع صنع القرار. فلازالت النظرة العامة لدور المرأة سلبية، ولازال للموروث الاجتماعي تأثير على تكوين الرأي العام.

إن من واجب الحكومة إقرار تشريع يمنع التمييز بين  الجنسين في العمل، وتعديل قانون الجنسية وقانون  الإقامة، وقانون الانتخاب وخاصة الكوتا النسائية وتحديث وتطوير القوانين والتشريعات التي تحكم وضع المرأة في الأسرة والمجتمع والعمل والتي تشكل عائقاً أمام تقدم المرأة وحماية منجزاتها والعمل على التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة وانعكاسها على القوانين المحلية كجزء من حقوق المرأة المتجاهلة في المجتمع.

فالمرأة هي روح المجتمع وبدونها لا يكتمل ولا يتقدم؛ فهي القادرة على التفكير المنطقي وعلى طرح أفضل الحلول التنظيمية والمناسبة، وعلى الكثيرين أن يغيروا من تفكيرهم النمطي الذي يبادرون به عند ترشح المرأة إلى منصب قيادي معين، حيث تسبب هذا التفكير الهادم في تثبيط عزيمة المرأة وتقليل قدراتها على التجديد والتميز. ولابد للمرأة الأردنية من أن تنال حقوقها الاجتماعية والسياسة والمدنية كاملة فعلا وتنفيذا على أرض الواقع، وليس مجرد أقوال وشعارات واحتفالات وقوانين أو اتفاقيات تبقى حبرا على ورق.

ــــــــ للتواصل ــــــــ

للتواصل وطلب نسخ من الأعمال المنشورة ، يرجى ملىء النموذج التالي