التفاصيل الرئيسية / المقالات / التفاصيل

2011-06-20
واسطة أعطيني وفي البحر ارميني

 

بقلم: ياسمين الضامن

 

يقول المثل الشعبي القديم "حظ أعطيني وفي البحر ارميني" لكني أستميح عذراً من وضعه لاستبدل كلمة واسطة بحظ، فلم يعد الحظ يلعب دوراً كبيراً في تحقيق الآمال والطموحات أو تسيير العالق من الأمور، بل أصبح فيتامين "واو"، أي الواسطة، الوصفة السحرية التي تغير الأحوال والقوانين والأنظمة بسرعة البرق. والفرق ما بين الحالتين أن المحظوظ قد يأتي دولفين ويسحبه إلى الشاطىء، لكن صاحب الواسطة حتماً سيأتي حوت أو حيتان ويحملونه هو والكنز الذي أخذه من البحر إلى بر الأمان.

أيهما أفضل، أن يقال لك بالفصحى: "يالك من محظوظ! أم بالعامية: "نيالك واصل!" بالطبع في مجتمعنا "واصل" أفضل من محظوظ، لذلك وجب تغيير المثل ليتواكب مع روح العصر، كما أن المحظوظ قد يتعرض للحسد من عيون ماكرة لا تصدها كل الخرزات الزرقاوات!

في مواقف كثيرة، كنت أظن أن الشخص المتفوق والمتميز وصاحب الكفاءة لا بد أن يلقى التشجيع والدعم، وكنت أقيس ذلك على نفسي عندما كنت، بلا غرور وبكل تواضع، أصغر روائية كتبت خمس روايات في سن ستة عشر عاماً، وأصبح عددها فيما بعد ست روايات ومسرحية وقصة قصيرة بالإنجليزية، ولأني كنت عضواً في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين في ذات العمر، ونلت منحة لدرسة الماجستير لتميزي، وبأنني قد انفرد بنوع من الدعم "المعنوي طبعاً وليس المادي"، لكنني نسيت بأن فيتامين "واو" لا يملأ دمي ولأني كنت أرفضه وما زلت أرفضه بالرغم من أنه عرض علي بالجملة مراراً وتكراراً، فلقد أقنعت نفسي بأن الأفضل أن أعيش بدونه، وأن أستعين عوضاً عنه بفيتامينات "ك، ت2، إ" كفاءة، تميز وتفوق، إبداع .

ومع أن كثيراً مما لا يجوز، جاز للكثيرين غيري بفعل فيتامين "واو" مثل نيل موافقات وعلاوات وغيرها، بقيت أقنع نفسي بأني لست مثلهم.... لأن المطلوب "من غير واسطة" هو حقي الذي يأتي بقرار صغير بسيط وليس منصباً أو امتيازات كبيرة أو سعي وراء ورقيات مالية ودنانير، بل إنها مسألة مبدأ، أي: "لماذا يأخذ من لا يستحق ما يريد بالواسطة، وغيره يحرم من حقه، لأن ليس لديه واسطة كما يقال!

وقد تكون فاجعة الخذلان في طلب العدل أشد وطأة وأقسى.... والأغرب الإستناد إلى القوانين ذاتها في الحالتين! ولكن في النهاية لن يصح إلا الصحيح، لأن الظلم "مرتعه وخيم"، وليس كل الأفراد يقبلون السكوت عن الظلم بمنح غيرهم حق حرموا هم منه بمزاجية أفراد، وليس بقانون ثابت يطبق على الجميع، وذلك في ظل وجود مؤسسات عليا يُلجأ إليها لإبطال مفعول فيتامين "واو" ومنها ديوان المظالم وهيئة مكافحة الفساد، فأول الغيث قطرة.

 

وكما قال الشاعر:                 العدل صعب وكلّما عدَلَ                الإنسانُ عن عَدْله، امترى ثِقَلَهْ

                                     والظّلمُ يَشقى بهِ الظّلومُ                 ويَرعاهُ، كرعي الظّباءِ مُبتَقَله

ــــــــ للتواصل ــــــــ

للتواصل وطلب نسخ من الأعمال المنشورة ، يرجى ملىء النموذج التالي