التفاصيل الرئيسية / المقالات / التفاصيل

2013-05-31
حقوق الكاتب

الإبداع الأدبي حالة استثنائية لا تكون لكل الناس ولا يستطيع تحملها إلا من يقدر على ذلك، فهي تحتاج إلى العزم والإصرار وتقبل التعب وكل ما يواجهه الأديب في طريقه من جهد ومعاناة ومحاولات للطمس والتهميش.

والمقصود بـ "الأديب" تحديداً: الروائي والقاص والكاتب المسرحي والشاعر. ولا شك أن هناك جملة من المؤشرات والمسببات التي تزيد من مستوى الإبداع الأدبي، لعل أهمها: التشجيع والتحفيز والتقدير الذي يلقاه الأديب، وتوفير بيئة محفزة على إظهار المزيد من الإبداع والوصول إلى طريق النجاح والتطور، ما ينعكس إيجابا على المجتمع بالرقي والتنوير والتقدم على المجتمعات الأخرى.

وأكثر فئات الأدباء الذين تُطمس موهبتهم بسبب عدم التقدير أو الدعم هم الذين لا يملكون المال الكافي لتمويل ودعم إبداعاتهم الأدبية بأنفسهم عن طريق نشرها أو ترجمتها أو تسويقها؛ وقد يتخلون عنها ويلجأون لعمل إداري في مؤسسة أو شركة خاصة أو حكومية بعد شعورهم بأنهم إذا انساقوا وراء تحقيق أحلامهم التي كانوا يطمحون لتحقيقها من خلال إبداعهم الأدبي، سيكون وهما لن يمكنهم من العيش أو حتى توفير متطلبات حياة كريمة.

تقع مسؤولية تقدير الإبداع الأدبي بشكل كبير على المجتمع الذي يعيش فيه الأديب، وينقسم إلى أفراد ومؤسسات، فالأفراد يتوجب عليهم ألا يستخفوا بأدباء مجتمعهم، لأنهم عنصر مهم في رقي المجتمع، وبالتالي رقي أفراده. أما بالنسبة لتقدير المؤسسات المعنية في الدولة، والذي يعد أهم ركيزة لإنصاف الأدباء، فمن واجب الأشخاص الذين يتولون زمام الثقافة والأدب عدم الاكتفاء بالشعارات والندوات والكلام عن دعم الإبداع وأهميته، بل ينبغي تحويل أقوالهم إلى أفعال وتقديم تحفيز ودعم وتشجيع متواصل لجميع الكتاب سواء أكانوا واعدين أم مخضرمين، لا الاكتفاء بتسليط الضوء على فئة معينة وتجاهل أخرى.

تعدّ فئة الكتاب والأدباء فئة مغمورة قياساً بفئات المجتمع الأخرى، وهو غمور لا إرادي تفعله الظروف والمؤثرات والمعيقات التي تحد من ظهور الأديب أو استمرار سطوع نجمه أو الانحراف عن مسيرته والعدول عن التفرغ للكتابة والتأليف وتحول المبدع إلى مجرد موظف لا يُعطى قدره في أغلب الحالات، وقد يصبح مع مرور الوقت وفي ظل عدم وجود دعم أو تشجيع، آلةَ عمل تهمَّش أو يفضَّل غيرُها عليها في أي وقت.

لا توجد لدينا نقابة للدفاع عن حقوق الكتاب والأدباء وحمايتهم، ذلك أن النقابة تجمُّع تنظيمي لأصحاب الحرف والمهن المشتركة للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم. وما يقوم به الأديب من إعمال للعقل وإطلاق العنان للخيال ليس حرفة أو مهنة يمكن التفرغ لها والاعتماد عليها كالكثير من الحرف والمهن التي توفر لأصحابها احتياجاتهم الأساسية، لذا قد يتعذر إنشاء نقابة للكتاب والأدباء يكون منتسبوها متفرغين للعمل الأدبي.

إذاً، لماذا لا يصبح العمل الأدبي، كتأليف الروايات والمسرحيات والقصص ونظم الشعر، تفرغاً لمن يرغب، ويصبح هناك نقابة للأدباء والكتاب تعمل على تأمين راتب شهري لأعضاء النقابة من الدولة في ضوء محدودية ميزانية وزارة الثقافة، وتوفير مستلزمات الحياة الأخرى كالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والسكن والتعليم المدرسي والجامعي للأبناء، وذلك لضمان حياة كريمة للأدباء وليس العيش بضيق وقلة، ودعم نشر إنتاجهم الأدبي من دون تقييد ذلك بشروط غير واضحة.

قد لا يكون مسمى "نقابة" في حد ذاته هدفاً، المهم هو إنشاء هيئة تحكمها قوانين للدفاع عن حقوق الأدباء والكتاب من التهميش وحمايتهم من غدر الظروف التي تجبرهم على قبول عمل أو وظيفة قد تقلل من قيمتهم الأدبية، فهم ليسوا مخلوقات غريبة يصعب إرضاؤها، وعليه فإن العمل من أجل تأمين حياة كريمة لهم واجب على الجهات الرسمية، ويتمثل ذلك بتوفير المتطلبات السابقة، ونشر أعمالهم الأدبية بعدالة.

ــــــــ للتواصل ــــــــ

للتواصل وطلب نسخ من الأعمال المنشورة ، يرجى ملىء النموذج التالي